مسار الجغرافيا الاقتصادية حتى مطلع الألفية الثالثة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الجغرافيا - کلية الدراسات الإنسانية بالقاهرة - جامعة الأزهر

المستخلص

تتميز الجغرافيا الاقتصادية بأنها أکثر فروع الجغرافيا ديناميکية وخاصةً فى إتجاهات الدراسة بفروعها المختلفة وموضوعاتها المتعددة المتغيرة وتطور مناهجها سواء المناهج التقليدية أو المناهج الحديثة نتيجة للمتغيرات العالمية المعاصرة والإهتمامات البحثية المختلفة وخاصةً الدراسات الميکروسکوبية والمناهج التحليلية وإستخدام نظم المعلومات الجغرافية.
وتعد الجغرافيا الاقتصادية من أقدم الفروع الجغرافية التى تأثرت کثيراً فى بداياتها بالمنهج الحتمى البيئى وخاصةً فى القرن السابع عشر والثامن عشر وظهر ذلک فى کتابات برنارد Bernard 1650 وکتابات Hutton  1795، بينما ظهرت الإمکانية مؤخراً فى عام 1926 فى مطلع القرن العشرين على يد فيدال دى لابلاش.
کما أن للجغرافيا الاقتصادية علاقة وثيقة بالعديد من العلوم الجغرافية بصفة عامة وعلاقتها بعلم الاقتصاد بصفة خاصة والذى ساهم فى تکوين شخصيتها الاقتصادية منذ نشأتها وخاصةً فى فترة اتساع التجارة الأوروبية ونمو السوق العالمى ،والجغرافيا الاقتصادية ما هى إلا تزاوج بين علم الجغرافيا وعلم الاقتصاد وأطلق عليها کثير من العلماء مصطلح (Geonomics) أى الإقتصاد المرتبط بالأرض فالجغرافى لا بد أن يلم بالنظريات الاقتصادية، ويهتم عام الاقتصاد بدراسة الإنتاج على أساس نظرية القيمة Theory of Value  القائمة على العرض والطلب، بينما يهتم الجغرافى بدراسة الإنتاج والربط بين الحقائق وتعليل الظواهر واستخلاص النتائج الاقتصادي
بينما انفصلت الجغرافيا الاقتصادية عن علم الاقتصاد فى نهاية القرن التاسع عشر على يد جوتز الألمانى عام 1882 وکان هدفه إسباغ طابع السببية على جغرافية التبادل التجارى.
وتتعدد التعريفات الخاصة بالجغرافيا الإقتصادية ومنها تعريف شيسهولم (تهتم الجغرافيا الاقتصادية بدراسة الظروف الجغرافية المؤثرة فى إنتاج السلع ونقلها وتبادلها) بينما يرى بوندز أنها (تدرس توزيع الأنشطة الإنتاجية على سطح الأرض) ويحدد هرتسهورن وظيفة الجغرافيا الاقتصادية (بدراسة العلاقات المتبادلة بين الظاهرات الطبيعية والأشکال الاقتصادية). وظلت تلک التعريفات مناسبة لمفهوم الجغرافيا الاقتصادية فى ذلک الحين ولکن نظراً لتغير ودينامية هذا العلم بصفة مستمرة  فإن هذه التعريفات تعد قاصرة فى الوقت الحالى فليست الظروف الجغرافية الطبيعية فقط هى المؤثرة فى الأنشطة الاقتصادية بينما دخلت الکثير من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فى النشاط الاقتصادى.
کما أنها لا تقتصر على توزيع الأنشطة الإنتاجية فقط بينما يمکنها دراسة التوزيع الجغرافى للأنشطة الاستهلاکية والتبادل، وأصبحت التجارة تدرس کنشاط انتاجى إلى جانب التبادل، کما أن النقل بمختلف فروعه يدرس کنشاط اقتصادى وفى نفس الوقت يدرس کعامل مؤثر فى أنشطة الإنتاج والتبادل والاستهلاک ونتيجة لتطور مفهوم الجغرافيا الاقتصادية بدأت تتطور فروعها ففى البداية کانت تقتصر فروع الجغرافيا الاقتصادية على جغرافية الزراعة والإنتاج المعدنى والصناعة والنقل وجغرافية الموارد وجغرافية استغلال الأرض وکان هذا التفرع ضروري نتيجة لتقدم الدراسات الجغرافية الحديثة .  
ونتيجة لانتشار العولمة وتطور حرکة التجارة العالمية بشکل کبير ظهرت العديد من الفروع مثل جغرافية التسويق وجغرافية النقل الحضرى وجغرافية الخدمات وجغرافية السياحة وجغرافية الاتصالات وانعکست تلک الفروع على الدراسات المقدمة فى الجغرافيا الاقتصادية سواء على مستوى العالم أو مصر ففى مصر شهدت حقبة الستينيات ظهور کتب الجغرافيا الاقتصادية التى تحمل مفهوم جغرافية الموارد والإنتاج الزراعى والصناعى وموارد الثروة الاقتصادية والموارد الاقتصادية، بينما شهدت الجغرافيا الاقتصادية کتابات منفصلة عن فروع الجغرافيا الاقتصادية مثل جغرافية النقل والصناعة والزراعة والتجارة والسياحة والنقل الحضرى والخدمات وانعکست تلک الکتابات على الأبحاث المقدمة فى الجغرافيا الاقتصادية.